مذكرات شخصية (3-3): أنا والسعودية وموسكو

WhatsApp Image 2018-07-14 at 8.27.36 PMاستيقضنا ونحن خارج البطولة، لم نكن لوحدنا بل شاركتنا المنتخبات العربية مصر والمغرب ولحقتنا تونس بعد خماسية بلجيكا، لذا أصبح تركيزي واهتمامي منصب على حضور المباريات الكبرى، لذا تجددت رغبتي بحضور أي مواجهة قوية في كأس العالم، للبرازيل أو للأرجنتين أو لألمانيا، لا يهمني أي منتخب منها، فقط لأعيش تجربة كروية جميلة، لذا أخذت أقلب الموقع الإلكتروني لـ الفيفا لأقتني احدى التذاكر، ولكن وللأسف تفاجأت بكونها مباعة بالكامل، فلم أجد حتى لمواجهات أقل أهمية!

الغريب في الموضوع، أثناء مشاهدة المباريات على شاشة التلفاز أجدها وهي شبه خالية من الجماهير! وكي لا أبالغ لم تنتصف مقاعد الحضور، لذا أعتقد.. بل أجزم تماما أن السوق السوداء كان له سطوته الكبرى والمتحكم الأقوى في سوق التذاكر، وخصوصا أنه لا يتم إجراء المطابقة بين اسم المشجع والتذكرة عند دخول الملاعب كما كان متبعا في نسخ سابقة لكأس العالم.

أخيرا وجدت موقع -غير رسمي- يبيع تذكرة لمواجهة البرازيل وكوستاريكا بمدينة سانت بطرسبيرغ وبمبلغ يقارب الـ 1800 ريال، علما أنني وجدت مواجهات أخرى مقاربة لتلك القيمة ولكن بسبب أن اغلب المدن الـ10 التي تقام عليها منافسات كأس العالم تبعد عن موسكو بالقطار حوالي 10 ساعات وبعضها يتجاوز الـ 15 ساعة! مما شكل ذلك عائقا إضافيا لأغلب الجماهير التي ترغب بحضور المباريات، بينما المواجهة التي اخترتها يتوفر لها قطارا سريعا يختصر الوقت لقرابة الثلاثة ساعات تقريبا ـ إضافة إلى أن المباراة تقام في مدينة كنت أحلم بزيارتها يوما ما.

وفي خضم إجراءات الحجوزات من سكن وتنقلات -ولحظي السيء- بيعت تلك التذكرة المتوفرة، بينما أقل تذكرة متوفرة لهذه المباراة تتجاوز تكلفتها 3000 ريال، لذا ألغيت الفكرة تماما، واستبدلتها بزيارة داخل ضواحي موسكو الضخمة والضخمة جدا، من متاحف ومباني شاهقة وقصور وقلاع وحدائق على مد البصر! والإطلاع على الإرث الثقافي العظيم للإمبراطورية السوفيتية، لذا لن أفوت فرصة ذهبية كهذه.

منطقة “أربات” وهي تسمية عربية كم تقول بعض الروايات، وتحوي شارع جميل حيوي مكتظ بالسياح، وفي الجانب الآخر من المنطقة طريق حديث بمطاعم ومقاهي راقية يطلق عليه أحد الزملاء “شارع التحلية” 🙂 ، وجدت فيه متحفا لكأس العالم، ولفت انتباهي طريقة تصميمه الرائعة والجميلة والتفاعلية بالرغم من أن مساحته ليست بذات الحجم إلا أنه يحوي على معلومات واسعة جدا، وشاهدت لقطة من هدف سعيد العويران في بلجيكا وهي التي اشعرتني بالفخر وتكاد تكون هي أبرز ماحدث لنا في مشاركاتنا الخمس.

في المساء أبلغونا الزملاء المنظمين ببرنامج حضور مباراة المنتخب الأخيرة في مدينة فولجوجراد، وهو على غرار مواجهة السعودية والأوروغواي حيث سيكون السفر ذهابا وايابا بالطائرة وبنفس اليوم، وهذه المدينة التي ستقام فيها المواجهة العربية لها إرث تاريخي كبير، ففيها سقط 1.5 مليون إلماني بين قتيل وجريح في الحرب العالمية الثانية، وخلالها انتهت اسطورة هتلر.

خوفا من تكرار ما حدث من ارهاق واشكاليات في التنقلات للقاء السابق، لذا تحفّظ عدد من الزملاء عن حضور المباراة خصوصا أنه يتلوها مباشرة رحلة العودة إلى الرياض، أما البقية -وهي النسبة الأقل- فكانوا يرغبون لحضور نزال المنتخب السعودية خصوصا أنها فرصة لا تعوض، وأنا معهم.

في الحقيقة حماسي الكبير لحضور جميع مباريات المنتخب جعلني أصحو مبكرا وأكون أول الصاعدين للباص، ولكن وقبيل الإنطلاق أخبرونا بأن الرحلة قد تتأخر، ومن ثم تم إبلاغنا ان الرحلة تأجلت لوقت غير معلوم -وحتى هذه اللحظة لا نعرف السبب- لأعود مجددا إلى غرفتي وأكمل نومي، وقبل العصر نزلت إلى ساحة الفندق لأجد الزملاء يبحثون عن شاشة تنقل لهم مباراة المنتخب مع مصر على اعتبار أن مباراة أصحاب الأرض تقام في نفس التوقيت.

مواجهة للذكرى، ولتسجيل بصمة وداع وحضور ختامي في المونديال، ربما هذه أول مواجهة أشاهدها للمنتخب بتعليق غير عربي ولا حتى إنجليزي، باللغة الروسية، ولهذا بعض الزملاء صعدوا لغرفهم لمشاهدة المباراة أون-لاين.

كانت الموجهة مثيرة ودب فينا الخوف بعد هدف صلاح، والهجمة التي أضاعها والتي قد تنهي المباراة لمصر مستوى ونتيجة، وحتى ضربة الجزاء التي اضعناها، قلت في نفسي الهزيمة الثالثة ونكرر إخفاق 2002، ولكن حكم الساحة يحتسب ضربة جزاء، ليتدخل حكم VAR وسط أجواء صعبة، ليحسم الحكم قراره ويسجل سلمان الفرج أول هدف لنا في كأس العالم 2018.

أما الشوط الثاني فشهد سيطرة سعودية مطلقة من بدايته إلى نهايته، وكلنا في لحظات ترقب لتحقيق الفوز، وسط ضياع هجمات متعددة أخفق المهاجمين في استثمارها وتجلي الحضري في إبعادها، وأثناء ما كان الحكم ممسكا بصافرته مستعدا لإنهاء المباراة يسجل سالم الدوسري هدف الفوز يفجّر الفرحة في الفندق الذي نقطنه، ويبعث البهجة في كافة قلوب السعوديين ويمسح جزء من الإخفاق الذي لازمنا في الإفتتاح.

حمدلله، ختامها فرحة، هذا هو اليوم الأخير استعدادا للعودة لأرض الوطن، و أضخم وفد سعودي في كأس العالم، للحق تُشكر هيئة الرياضة على ماقامت به من تسهيلات ودعم لكافة الإعلاميين والمرافقين، وللحق السعوديين في روسيا أظهروا صورة مشرقة عن بلدهم، وعسكو صورة جميلة عن السعودية، وكانوا بحث جزء أساسي في هذه التظاهرة العالمية التي تتجاوز كونها منافسة على كرة قدم فقط!

آمل أني وفقت في نقل جزء من أجواء هذه المشاركة، وسأرفق لاحقا عدد من الصور التي مازلت أحتفظ بها عن أبرز الأحداث التي ذكرتها في تلك الأجزاء الثلاث.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: